شيفرة التأثير طويل الأجل….جواهر الحارثي

غالباً ما تطمح النفس البشرية لاكتساب مهارة التأثير في الآخرين لأغراض كثيرة على المستوى الشخصي والمجتمعي، لعل من أهمها احداث التغيير الذي يبتغون ورؤية ما يريدون إحداثه على الوجود، إضافة إلى رغبة الكثير في جذب واستقطاب أكبر قاعدة جماهيرية، لاسيما إذا ما ارتبط الأمر بعوامل مهنية أو مكاسب مادية، ويعتقد الكثير أن الأمر بغاية البساطة، ويمكن أن يتحقق من خلال الدورات أو البرامج التدريبية ذات الاختصاص، إلا أنه ليس كذلك على الاطلاق
فالتأثير من المهارات الناعمة التي لا يتم اكتسابها من خلال المعارف النظرية فحسب، بل تتطلب تعلم وممارسة ذاتية مستمرة لصناعة الذات أولاً وامتثالها لمعايير التغيير المراد إحداثه، حتى تكون مؤثرة بشكل تلقائي على الطرف الآخر دون الحاجة إلى كلفة وجهد، وفي ذلك قوله تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ولكي يكون كذلك التأثير طويل الأجل يستطيع مقاومة المتغيرات المتجددة والمتلاحقة في الألفية الثالثة
على سبيل المثال… لو ألقينا نظرة سريعة في الوقت الراهن على العوامل الأكثر تأثيرا في المجتمعات بشكل سريع ومباشر، قد لا نختلف كثيراً لو ذكرنا مشاهير السوشيال ميديا، لكن بالتأكيد إننا سنتفق على اختلاف مدى تأثيرهم على الطرف الآخر، هل هو طويل أم قصير الأجل؟
لا شك أن هناك من تكون أنشطتهم إيجابية تنبثق من قواعد وأصول معرفية عريقة وذات أهداف تنموية إضافة إلى جدارتهم بما ينقلونه، فتسطو أنشطتهم على الطرف الآخر وتتجذر في قناعاته بسيف القدوة، وعلى الصعيد الآخر هناك أنشطة ذات ثقافاتبسيف القدوة، وعلى الصعيد الآخر هناك أنشطة ذات ثقافات شكلية نتاج العولمة الثقافية فقط، فهي أشبه بفقاعات الصابون، مهما تصاعدت وتعملقت ألا أنها تتلاشى بأسرع من ظهورها، ذلك أنها فارغة لا تحمل إثراً يذكر
لذلك كان اكتساب مهارة التأثير والتمكن منها بجدارة لاستثمارها في جميع مجالات الحياة ضرورة لا يمكن تجاهلها مع الأخذ في الاعتبار أن مدى التأثير في الآخرين مرهون بوعي المجتمع المتقدم في ظل سلطة الفكر الجمعي أو ما يسمى بـ “العقل الجمعي”؛ إن ما علينا فعله باختصار لاكتساب مهارة التأثير طويل الأجل هو أن نكون “قدوة” تتطابقً أقوالنا مع أفعالنا، ويكفي بنا التأمل في استدامة تأثير هدي رسول الله ﷺ القدوة العملية والأسوة الحسنة إلى تاريخنا هذا أي من قبل 1400عام هـ وتجد الناس لاتزال على هديه رغم تغير الظروف وغلبة التحديات، فامتثاله ﷺ أولاً برسالته جعل من شخصه العظيم قدوة يحذوها الناس ويؤمنون به
مسك الختام
يقول الشاعر العربي طرفة بن العبد -عن المرء لا تسل وسل عن قرينه ـ فكل قرين بالمقارن يقتدي
القدوة هي شيفرة التأثير طويل الأجل، وتذكرة المرور لجذب وإقناع الآخرون، فلنكن قدوة حسنة